بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التَّوْريَةُ : أَنْ يَذْكُرَ المتكلِّمُ لَفْظاً مُفْردًا له مَعْنَيانِ، قَريبٌ ظاهِر غَيْرُ مُرَادٍ ، وَبَعيدٌ خَفيٌّ هُوَ المُرادُ.
نحو: قول سِرَاجُ الدين الوَرَّاق:
أصُونُ أديمَ وجهي عَن أُنَاس … …لقاءُ الموتِ عِنْدهُم الأديبُ
وَرَبُّ الشعر عندهُمُ بَغِيضٌ … …وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ "حبَيبُ"
نجد كلمة "حَبيبٍ" في هذا المثال لها معنيان:
أحدهما: المحبوب وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهنْ بسبب التمهيد له بكلمة "بغيض".
والثاني : اسم أبي تمام الشاعر وهو حبيبُ بنُ أَوْس، وهذا المعنى بعيد. وقد أَراده الشاعر ولكنه تَلطف فَورَّى عنه وستره بالمعنى القريب.
ويسمَّى هذا النوع من البديع تورية.
ونحو : قول نَصِيرُ الدين الحَمَّامي:
أبْيَاتُ شِعْرك كالقُصـ … …ـور ولا قُصُورَ بهَا يَعوقْ
ومنَ العجَائبِ لَفْظُها … …حُرٌّ ومعناها "رَقيقْ "
وكلمة "رقيق" في المثال الثاني لها معنيان:
الأول : قريب متبادر وهو العبد المملوك وسببُ تبادُره إلى الذهن ما سبقه من كلمة "حُرّ".
والثاني : بعيد وهو اللطيف السهل.
وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أَن ستَره في ظل المعنى القريب.
والتورية فنٌّ بَرَعَ فيه شعراء مصر والشام في القرن السابع والثامن من الهجرة، وأَتوْا فيه بالعجيب الرائع الذي يدلُّ على صفاءَ الطبع والقدرة على اللعب بأَساليب الكلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته