أحدق في نافذتي المفتوحة بدهشة واستغراب لعالمي الآن
هواء بارد قارص يتغللني لكن في الداخل أفكار أحر من بركان
يقولون
حيز ضيق لفترة أطول مما تتخيل عاش فيه
تذوق كل أنواع العلقم, تعقد, فلن يقدر على التأقلم بمن حواليه
لن يقدر على معايشة حاضره, كيف وقد نسي ماضيه
كنت اعتقد أني كنت مسجونا جسدا لا روحا
فروحي كانت متعلقة خارجا
خارج أربعة جدران
تصل عبر البحار إلى بلادي وتستنشق عبيرها والياسمين والأرجوان
تتنعم برؤية شجر الزيتون والبرتقال وكيف لها أن تنسى شقائق النعمان
بخفة تتمشى في الشاطئ وتداعب الأمواج الأقدام
وتعيش في حارتي بين أهلي وبين الجيران
تزورهم , وتحتضنهم بأطيب تحيات وسلام
لكن
عندما عدت بروحي تغيروا
أو كما يقولون أنا الذي تغيرت فيه ملامح إنسان
تنبض فيه حياة , طموح , وأمل و عينان لامعتان
كان ينظر للدنيا ببساطة وتعتريه بعض الأحلام
عندما حاول أن يسترجع كرامة وطنه
تهاوى الوطن وتساقطت بل تهاوت أحلامه وراء أحلام
يقولون فقد روحه هناك وعاد بجسد خاو تائه حيران
يقولون لم يعد كالسابق لم يعد كما كان
فارقته البسمة ولن يستطيع العيش كانسان
فكيف لنا أن نزوح ابنتنا لشخص ضائع بلا عنوان
هو الآن مع أهله نعم لكن حاضر الجسد لا العقل لا الروح و
نعم على الزواج قد فاته الأوان
يعتقدون ذلك … ويبدو لي الآن أن اعتقاداتهم باتت من الأهمية بمكان
تغيرت معتقداتي وسرت سجينا أسيرا لاعتقادات جيران
كانوا لي أهلا لكن تغيروا أو كما يقولون أنا الذي تغيرت الآن!
نعم إذن تغيرت لكن أليس من المفترض أن تكونوا بجانبي
تمحوا آلامي وآهاتي
تسترجعوا بي ذكرياتي
وتساعدوني في إنهاء فصول معاناتي..
تقولون على حافة الهاوية يتغير الإنسان
فكيف لي ألا أتغير وقد غصت في الهاوية لا حافتها عدة أعوام
نعم تغيرت كيف لا وأنا انظر لكل شيء فأتذكر مأساتي
إلى الطعام إلى الشراب حتى الكرسي تأثرت به علاقاتي
من قهر, تجويع, استجواب, اهانة, حرمان, عزلة وأشباح يومية
سيطرت عليّ وانتقلت معي إلى حياتي العادية
التي لم اعد اعتادها وباتت لي كصفحة مطوية
عفا عنها الزمن وعفا عن حكاياتي..
تقولون أنكم تحترموني وتقدروا لي تضحياتي
لكن من خلفي تزداد صفعاتكم على صفعاتي
ما زلت أحدق في الخارج محاولا لإيجاد مبررا لاعتقاداتهم وآخر لتصرفاتي