تحية طيبة وسلاما مباركا
كلام ...في معنى السعادة
هناك مقولة فلسفية تقول ( أن السعادة تولد من رحم الألم ) فلا يتصور أن تكون سعادة بلا معاناة تسبقها .. فكيف أميز السعادة إذا لم أكن أعرف الشقاء ؟!
وإذا أردنا الغوص أكثر في معنى السعادة فهي لا تعني سوى ابتهاجك اللحظات حين تحقق أحد أحلامك ... فالمريض له أمل واحد يتملكه ، يرنو له في الأفق وهو أن يتحقق شفاءه ، فإذا تحقق حلت عليه مباهج السعادة ... ولكن ترى : ألن تخلق له آمال جديدة ؟ !
هذه السعادة لحظات لا تدوم ... انظر يوم أن كان أملك في يوم من الأيام أن تحصل على وظيفة ، ثم تحقق الأمل وحلت بأركانك السعادة يوم أو يومين أسبوع أو أسبوعين ، فأين ذهبت الآن .؟ ... لقد أختطفها أمل آخر وهو أن تكون لك أو لك زوج أو زوجة .. وبعد ذلك : الأبناء ... ثم بعد ذلك شيء آخر..... هكذا السعادة لا ترفرف بأجنحتها طويلا !
كلما كثرت الآمال وتشعبت تناقصت السعادة في حياتك ، أنا آمل في أن أكون كذا وأن يكون لي كذا وأن أشتهر بكذا هذه الأمنيات توسع من دائرة اهتماماتك أو همك ، ولأنك تلهث خلف هذه الآمال وهي بعيدة المنال .... فكيف يمكن أن تشعر بالسعادة !! هل يمكن أن تجتمع السعادة واللهاث ؟ !
ثم أن السعادة مسألة نسبية ، فما يسعدك قد لا يسعد غيرك ... فقد يطير شوقا بعض المخلوقين فيما لو حصل على سيارة ولو كان موديلها عتيقا قد تجاوزه الزمن ، فيما قد تكون نفس السيارة موضع سخرية وتندر عند مخلوق آخر! ، لأن أمله قد رسم على طراز من أحدث الطرز ... فيما غير الاثنين لا يرضى إلا بأن تكون سيارته فريدة من نوعها في العالم ... وإلا فإنه سيظل تعيسا بائسا .. لأن الأمل يطرقه ليل نهار .. يقظ مضجعه .. ولسان حاله يقول : آه ثم آه .. متى ؟ متى يتحقق الحلم . !!
أيضا هذه السعادة لها فنون وجنون ! سئل أحدهم متى تكون في قمة السعادة ؟ فقال : عندما ينظر الناس إلي بعين الحسد !! إنه يبني عرش سعادته على جماجم وتعاسة الآخرين ...
وقد كان (شارون ) الخبيث في قمة السعادة وهو يشبع أبناء فلسطين قتلا وتنكيلا ...
إذا السعادة مفهوم غامض لا يمكن تبين حقيقته ... فهي ليست حالة مستدامة ولا تدرك السعادة إلا من خلال الافتقار إليها ، فإذا كان لك آمال أو أهداف تسعى في تحقيقها ، فكلما تحقق لك هدف حصلت على قسط من السعادة ( التي تعني الرضى والفرح ) ... هي تسير أمامك هذه السعادة ، هي مطلوبك هي مرادك شئت أم أبيت ، وأنت تسير خلفها ـــ ستحصل على جزء منها للحظات وهذا لن يكفيك ، لكنها ستتفلت من يديك وتذهب إلى موطنها فهي تسكن في القصور البعيدة ...هذه هي طبيعة السعادة التي نبحث عنها ...!
منقـــــــول